أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا زهير، حدثنا الأسود بن قيس قال: سمعت جندب بن سفيان قال: اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يقم ليلتين أو ثلاثًا فجاءت امرأة فقالت: يا محمد إني لأرجو أن يكون شيطانك قد تركك، لم أره قربك منذ ليلتين أو ثلاث، فأنزل الله عز وجل: {وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}.وقيل: إن المرأة التي قالت ذلك أم جميل امرأة أبي لهب.وقال المفسرون سألت اليهود، رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذي القرنين وأصحاب الكهف وعن الروح؟ فقال: سأخبركم غدًا، ولم يقل: إن شاء الله، فاحتبس عنه الوحي.وقال زيد بن أسلم: كان سبب احتباس جبريل عليه السلام عنه كون جَرْوٍ في بيته، فلما نزل عاتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم على إبطائه، فقال: إنا لا ندخل بيتًا فيه كلب أو صورة.واختلفوا في مدة احتباس الوحي عنه، فقال ابن جريج: اثنا عشر يومًا. وقال ابن عباس: خمسة عشر يومًا. وقال مقاتل: أربعون يومًا.قالوا: فقال المشركون: إن محمدًا ودّعه ربه وقلاه، فأنزل الله تعالى هذه السورة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «يا جبريل ما جئت حتى اشتقت إليك»، فقال جبريل: «إني كنت أشدَّ شوقًا إليك، وكلني عبدٌ مأمور»، فأنزل: {وما نتنزل إلا بأمر ربك} [مريم- 64].قوله عز وجل: {وَالضُّحَى} أقسم بالضحى وأراد به النهار كله، بدليل أنه قابله بالليل فقال والليل إذا سجى، نظيره: قوله: {أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى} [الأعراف- 98] أي نهارًا.وقال قتادة ومقاتل: يعني وقت الضحى، وهي الساعة التي فيها ارتفاع الشمس، واعتدال النهار في الحر والبرد والصيف والشتاء. {وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى} قال الحسن: أقبل بظلامه، وهي رواية العوفي عن ابن عباس، وقال الوالبي عنه: إذا ذهب، قال عطاء والضحاك: غطى كل شيء بالظلمة. وقال مجاهد: استوى. وقال قتادة وابن زيد: سكن واستقر ظلامه فلا يزداد بعد ذلك. يقال: ليل ساج وبحر ساج إذا كان ساكنًا. قوله تعالى: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} هذا جواب القسم، أي ما تركك منذ اختارك ولا أبغضك منذ أحبك.